الأربعاء، 25 يونيو 2014

خصوصية الفيلم الوثائقي

نشرت من طرف : Unknown  |  في  7:13 ص


يختلف الفيلم الوثائقي عن الفيلم الروائي، أو أن هذا هو على الأقل، ما اعتدنا على الركون إليه والوثوق به، بعد أن ظل يتردد كثيرا في كتابات المفكرين السينمائيين. وهناك دون شك، كثير من الاختلافات، لكن الكثير من هذه الاختلافات يتلاشى بين النوعين يوما بعد يوم، وتظهر نقاط عديدة للتلاقي، خاصة بعد انتشار نوع الفيلم (السينمائي- التليفزيوني) الذي يطلق عليه "دوكيودراما"، أي الفيلم الذي يستند إلى وقائع وشخصيات وأحداث حقيقية، يصوغها صانع الفيلم في سياق درامي تمثيلي.
لقد أصبح الآن من المقولات الراسخة المعروفة إن "الفيلم"- سواء اعتبرناه فنا أم صنعة- ظهر أولا كفيلم "وثائقي"، وهو ما يتضح لأي مراجع للشرائط الأولى التي صورها الأخوان لوميير وأشهرها بالطبع "وصول القطار إلى المحطة" و"خروج العمال من مصانع لوميير". ولا تنبع قيمة مثل هذه الأفلام فقط من تاريخيتها، بل من كونها تجسد، ببساطة، فكرة أن الفيلم له صلة مباشرة بالواقع أو هكذا يجب أن يكون، وطريقة سير العمال وهم يغادرون بوابة المصنع والملابس التي يرتدونها والقبعات الموضوعة على رؤسهم والخلفية التي تظهر في الصورة للمصنع.. إلخ هي في حد ذاتها معالم محددة على زمن محدد في "وثيقة" مصورة بالحركة، ليس من الممكن التشكيك في أصالتها.
لم تكن هذه "الأفلام"، التي أطلق عليها هذا الوصف، أفلاما بالمعنى الفني المعروف الآن بالطبع، بل كانت مجرد "لقطات" أي أن الفيلم الواحد كان يتكون من لقطة واحدة مأخوذة بالكاميرا بدون توقف، وكان لا يتجاوز في زمنه دقيقة واحدة بسبب محدودية الإمكانيات التكنولوجية في ذلك الوقت، فالكاميرا مثلا لم تكن تستوعب سوى شريط خام لا يزيد زمن عرضه عن دقيقة واحدة. وهكذا ظل الحال طيلة السنوات الأولى لظهور "السينما" حتى أوائل القرن العشرين.
والغريب أن مثل هذه الشرائط أو الأفلام "الوثائقية" الأولى وغيرها، كانت تبهر المشاهدين في بداية تاريخ العرض السينمائي، وكان الجمهور مدفوعا في انبهاره الكبير بها بـ"سحر الاكتشاف".. اكتشاف قدرة السينما على "تسجيل" الواقع.. الحياة.. أن تكون مرآة دقيقة لما يحدث في الواقع، قبل أن تعرف السينما بالطبع فكرة التوليف، أو عملية المونتاج، التي تتكفل بنقل وجهة نظر صانع الفيلم في المادة المصورة التي يتعامل معها بطريقة فنية لكي يستخرج منها ما يؤكد رؤيته هو للواقع وليس الواقع مجردا. غير أن هذا استغرق زمنا طويلا نسبيا إلى أن أمكن التدليل عليه من خلال نظريات السينما التي تعاقب على وضعها عدد من كبار المنظرين والمفكرين السينمائيين في العالم.
كان هذا أيضا قبل أن يتحول الاهتمام- اهتمام شركات الإنتاج والتوزيع والعرض- إلى الفيلم القصصي أو الروائي/ الدرامي/ الخيالي الذي يهتم أكثر برواية القصص الخيالية وجعلها تحاكي الحياة الحقيقية أو الإيحاء بمشابهتها لما يحدث في الواقع، حتى تصبح مقنعة للمشاهدين، مهما كانت القصص التي تتضمنها وتحولاتها، مبالغا فيها أو مغرقة في الخيال.
الفيلم السينمائي والفيلم الوثائقي
دعونا أولا نتوقف أمام تعريف الفيلم. ما هو الفيلم "السينمائي"؟
يقدم قاموس "أكسفورد" تعريفا للفيلم فيذكر أنه "قصة أو حدث مسجل بالكاميرا في مجموعة من الصور المتحركة تعرض في دار السينما أو في التليفزيون". أما تعريف القاموس الشهير نفسه للفيلم الوثائقي فهو "استخدام صور أو مقابلات مصورة مع أناس من قلب أحداث حقيقية لتقديم تقرير عن موضوع محدد".
التعريف هنا لغوي محايد تماما، لا يصل إلى مستوى يعكس "فلسفة" الفيلم الوثائقي، وهو ما أتى فيما بعد من طرف السينمائيين أنفسهم.
فيما بعد مثلا، أصبح الفيلم الوثائقي هو "مصنف واسع من التعبيرات البصرية المبنية على محاولة "توثيق" الواقع بطريقة أو بأخرى".
ورغم أن "الفيلم الوثائقي" documentary تعبير كان يشير إلى الفيلم الذي يصور على شريط سينمائي تحديدا، إلا أنه قد توسع وأصبح يشمل الفيديو والأفلام الرقمية التي تصور مباشرة بكاميرا الفيديو، أو التي تصنع لبرامج التليفزيون. هنا يصبح "الوثائقي" في التطبيق العملي، "وصفا يعمل على تقديم "طريقة في صنع الأفلام، أو تقليد سينمائي لقياس تذوق الجمهور" وهو يتغير باستمرار وليس له حدود واضحة.
وكانت كلمة "وثائقي" قد أطلقت للمرة الأولى على الأفلام التي تحمل مثل هذه الصفات في مقال نشر في 8 فبراير عام 1926 حول فيلم "مونا" Moana  للمخرج روبرت فلاهرتي، وكان كاتب المقال قد اكتفى بتوقيع مقاله باسم "مشاهد الأفلام" أو المتردد على دور العرض Moviegoer وهو الاسم الذي عرف به السينمائي الوثائقي الذي يعد أحد الرواد في هذا المجال- أي جون جريرسون  John Grierson .

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

تابعنا على الفيسبوك

Sidebar One

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

بث المحترف

�� �������

إحصائيات الموقع

تقييم الموقع

Link List

Comments

����� �������

أرشيف المدونة الإلكترونية

المتابعون

آخر التعليقات

Footer Widget 1

Footer Widget 3

Navigation-Menus (Do Not Edit Here!)

مواضيع مختارة

صمم في : 2012/08/23

Template Information

مجلة رسالة

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الرجاء عدم نزع الحقوق من القالب -جانفي 2012-

اخبار رياضة رسائل الاسلام عجائب وغرائب صحتى

تبادل اعلاني

Test Footer 2

300x250 AD TOP

Footer Widget 2

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

بحث في المدونة

الاكثر مشاهدة

المواضيع النشطة

Blog Archive

back to top