الأربعاء، 25 يونيو 2014

بين جماليات الوثائقي السينمائي والتليفزيوني

نشرت من طرف : Unknown  |  في  7:14 ص

ما الذي نقصد بالفيلم الوثائقي السينمائي؟ هل هو ما نشاهده على شاشة السينما، بينما الفيلم التليفزيوني هو ما يُعرض على شاشة التلفاز؟ هل استخدام الشريط الخام السينمائي - السلولويد – أو الكاميرا الديجيتال هو الذي يُحدد نوعية الفيلم؟ ألا يذكر تاريخ السينما شيئاً عن وجود أفلام تم تصويرها على شريط 35 مم لأجل العرض التليفزيوني؟ خيري بشارة وداود عبد السيد وعلي بدرخان قاموا بتصوير أفلام على شرائط خام 35 مم للعرض التليفزيوني بمصر. كذلك سعد النديم، هاشم النحاس، وعلي الغزولي، عطيات الأبنودي وآخرين، مصريين وعرب وأجانب من شتى دول العالم. حتى تلك النوعية التي تنتمي إلى الفيلم الوثائقي السينمائي لن نزعم بأن أصحابها صنعوها من أجل عرضها في دور العرض السينمائي لأن جمهور الوثائقي من شباك التذاكر يكاد يكون ضعيف إلا في حالات استثنائية كما حدث في السنوات الخمس الأخيرة عندما بدأت المنتجة والمخرجة ماريان خوري تعرض أفلاماً وثائقية بدور العرض ضمن تظاهرة "بانوراما الفيلم الأوروبي" فقد لوحظ الإقبال الجماهيري اللافت للوثائقي حتى أن التذاكر نفذت في عدد من الحالات وجلس الحضور على سلالم قاعة العرض بينما كانت الصالات شبه خاوية في عروض الفيلم الروائي.
      على صعيد آخر، أليست هناك أفلام سينمائية – وثائقية وروائية – تم تصويرها بكاميرا الديجيتال وعُرضت على الشاشات الكبيرة بدور العرض السينمائي؟ ألا تُؤكد المؤشرات العالمية أن الشريط الخام 35 ملم في طريقه إلى الاختفاء، وأن ماكينات العرض السينمائي سيتم استبدالها بأجهزة الـ دي سي بي؟ إن الأمر واقع لا محالة، وهناك إحلال تدريجي في مختلف بلدان العالم. تساؤل آخر يشغلني: هل كل الأعمال التي تم تصويرها على شرائط 35 ملم جاءت سينمائية؟ ألم يكن بعضها لا يرقى إلى مستوى عمل وثائقي مشغول باللغة السينمائية؟ أليس بعض هذه الأعمال أقرب إلى التحقيق التليفزيوني؟ ولماذا - نحن النقاد والباحثين - عندما نصف الفيلم بأنه تليفزيوني يبدو الأمر وكأنه يحمل في طياته تقليلاً من القيمة الفنية للعمل، مثلما يشي بقدر من الاستخفاف به وكأنما هذا الوصف – تليفزيوني – يشي بنظرة دونية، بينما عندما نصف العمل بأنه سينمائي فيصبح ذلك من قبيل المديح والإطراء على مستواه الفني. 
من زاوية أخرى، لماذا عندما يتم تصوير فيلمين بالكاميرا الديجيتال يأتي أحدهما سينمائياً والآخر تلفزيونيا؟ فهل هناك موضوعات تناسب التليفزيون أكثر من السينما؟ السؤال بصيغة أخرى؛ هل هناك موضوعات تصلح للمعالجة التليفزيونية ولا تصلح للمعالجة السينمائية؟ من واقع تجربتي الشخصية، ككاتبة سيناريو وثائقي وناقدة كنت أعتقد - حتى وقت قريب – أن جميع الأفكار يمكن تقديمها على شاشة التلفاز، جميع الأفكار يمكن معالجتها بأسلوب تليفزيوني بدرجات فنية متفاوتة من الجودة أو الرداءة، وبدرجات متفاوتة من التأثير العقلي والعاطفي، لكن قليل من هذه الأفكار يحتمل الطاقة والغني الكافي ليرتدي ثوباً سينمائياً. لذلك كان رأيي أنه عند البحث عن فكرة فيلم وثائقي لابد من التفكير في المادة البصرية، في الصورة، وهل ستسمح بصناعة فيلم بشروط ومقاييس السينما أم أنها لا تحتمل سوى القالب التليفزيوني؟ لابد من التفكير فيما إذا كان الموضوع سيعتمد على الحوارات المطولة والتعليق أم أنه سيحتمل قدراً من التخييل وابتكار مستويات من المعادل البصري. وبقيت لفترة طويلة يستولى عليَّ يقين أن الموضوع يلعب دوراً كبيراً في المحصلة النهائية، ويحسم أمر الانتماء إلى عالم الفن السابع أو عالم التليفزيون. لكن الآن وبعد تجربة طويلة – تتجاوز العشر سنوات - في تأمل الوثائقيات بأنواعها من موقع الناقدة السينمائية والدارسة لبنية العمل الفني، الآن بعد تجربة ليست بالقصيرة في صناعة الوثائقي، وفي المشاركة في لجان التحكيم وصلت كاتبة هذه السطور إلى قناعة بأن أي وكل موضوع يمكن معالجته بشكل سينمائي. إذاً، ليس الموضوع هو الفيصل، وإنما منظور الرؤية والأسلوب الفني هو الذي يحسم الأمر بالانتماء إلى أي من العالمين، السينمائي أم التليفزيوني. لا يشغلني ما إذا كان الفيلم يعكس الواقع بصدق تام أم لا؟ الأهم بالنسبة لي طريقة معالجة الواقع، وهل أدهشني وأربكني الواقع الجديد المطروح على الشاشة أم لا؟

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 التعليقات:

تابعنا على الفيسبوك

Sidebar One

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

بث المحترف

�� �������

إحصائيات الموقع

تقييم الموقع

Link List

Comments

����� �������

أرشيف المدونة الإلكترونية

المتابعون

آخر التعليقات

Footer Widget 1

Footer Widget 3

Navigation-Menus (Do Not Edit Here!)

مواضيع مختارة

صمم في : 2012/08/23

Template Information

مجلة رسالة

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الرجاء عدم نزع الحقوق من القالب -جانفي 2012-

اخبار رياضة رسائل الاسلام عجائب وغرائب صحتى

تبادل اعلاني

Test Footer 2

300x250 AD TOP

Footer Widget 2

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

بحث في المدونة

الاكثر مشاهدة

المواضيع النشطة

Blog Archive

back to top